الصرح العالمي العملاق..العالم الأول بيننا

جريدة عكاظ

الخميس 19/10/1430هـ الموافق 8 أكتوبر 2009م  العدد 3035

الصرح العالمي العملاق..العالم الأول بيننا

عبدالإله ساعاتي

يقاس تطور الأمم وتقدمها بمدى تطور نظامها التعليمي لاسيما قطاع التعليم العالي.. الذي تمثل فيه الجامعات صروحا تعليمية تمارس دورا تنمويا ينشر شعاعه النهضوي على امتداد المجتمعات الإنسانية.
والتعليم العالي في بلادنا يعيش طفرة حقيقية تمثلت في ارتفاع عدد الجامعات من (8) إلى (25) جامعة في غضون بضع سنوات.. وتوسعت الجامعات بكليات وأقسام جديدة.. وافتتحت فروعا لها في مناطق نائية.. ليصل التعليم العالي إلى كل بقعة على أرض بلادنا الطيبة.
وتأتي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول لتمثل «الحلم الجميل» لهذا الوطن وإنسانه.. تمثل «المستقبل» المشرق بكل أبعاده.. هي بالفعل (العالم الأول) الذي نقله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ليزرعه داخل بلادنا ــ كما قال الأمير خالد الفيصل .
وهي الجامعة التي نقلت المملكة إلى مصاف العالمية علميا.. حيث ستأخذ مكانها بين الجامعات التي تصنف في مقدمة جامعات العالم.. وترفع علم المملكة خفاقا من خلال هذا الموقع العالمي المضيء.
هي الجامعة التي اختصرت مسافات الزمان وتجاوزت حدود المكان لتمثل بلادنا وقطاعنا التعليمي العالي في مشهد الجامعات العالمية العريقة.
وهذا المشروع الحضاري الفذ.. إنما هو تجسيد لرؤية خادم الحرمين الشريفين الرائدة.
يقول خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ :
«رغبة منى في إحياء ونشر فضيلة العلم العظيمة التي ميزت العالمين العربي والإسلامي في العصور الأولى، فلقد رأيت أن أؤسس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
وإنني أرغب في أن تصبح هذه الجامعة الجديدة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث وأن تعلم أجيال المستقبل من العلماء وأن تعزز المشاركة والتعاون مع غيرها من جامعات البحوث الكبرى ومؤسسات القطاع الخاص على أساس الجدارة».
ويقول حفظه الله:
«ونحن إذ نوفر أساسا متينا لكل جوانب الحياة والعمل في الجامعة فإننا نهدف بذلك إلى ضمان نجاحها في تعزيز التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية لشعب المملكة ولشعوب العالم كله».
ولهذا تعكس هذه الرؤية العميقة استيعاب واع لمعطيات العولمة
GLOBALIZATION ولحقيقة العالم اليوم كقرية كونية GLOBAL VILLAGE ولدور فاعل ومؤثر للمملكة مستقبلا في المشهد العلمي العالي.
ويقول الأستاذ نظمي النصر مهندس المشروع الحضاري والرئيس المكلف للجامعة في فترة التأسيس ونائب الرئيس حاليا:
إن خادم الحرمين الشريفين هو صاحب هذه الفكرة الرائدة وهو المشرف المتابع لكافة مراحل المشروع.. بل هو الذي حول الفكرة الرائدة إلى واقع في زمن قياسي بمتابعته المباشرة والدقيقة».
ولعل أبرز مايميز هذا المشروع الحضاري العالمي.. هو أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هي النموذج العالمي لجامعة المستقبل.. بكل مايحمل ذلك في تضاعيفه من معان كبيرة.
يقول الأستاذ نظمي النصر:
«لقد شكلنا مجلسا استشاريا عالميا يتكون من رؤساء جامعات عالمية عريقة وشهيرة، ووقعنا اتفاقيات تعاون وشراكة مع جامعات كبرى مثل ستانفورد واكسفورد وكمبردج وبيركلي وتكساس و «إم آ ي تي».. وغيرها.
وبناء على ذلك تم تأسيس هذه الجامعة كنموذج حديث لجامعات المستقبل.. نموذجية يتمنونه ويتطلعون إلى تأسيسه.. فجامعة الملك عبد الله هي خلاصة تجارب أعرق جامعات العالم.
وبهذا نحن بدأنا من حيث انتهى العالم في مجال التعليم العالي المقترن بالأبحاث العلمية».
وحول دور الجامعة على الصعيد المحلي قال الأستاذ النصر: «إن الرسالة الأولى للجامعة المنبثقة من رؤية خادم الحرمين الشريفين تتمثل في المساهمة في قيادة تحول الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد المعرفة.. من خلال التعاون بين مركز أبحاث الجامعة والقطاعات الصناعية والتقنية وباقي القطاعات.
هذا إلى جانب السعي لدعم الجامعات السعودية وإفادتها من رحيق التجربة العالمية، ولهذا قامت جامعة الملك عبد الله بتوقيع اتفاقيات تعاون مع عدد من جامعاتنا».
ويحق للمجتمع السعودي أن يفخر ويتفاعل مع قيام هذه الجامعة الفذة.. هذا الصرح الحضاري العملاق.. فهي جامعة فريدة على مستوى العالم.. هي نموذج لجامعة المستقبل عالميا.. هي عصر جديد من الإنجاز العلمي.
ولقد حددت المبادئ الأساسية للجامعة على النحو التالي:
ــ إنشاء مجتمع دولي من العلماء الذين يكرسون جهودهم للعلوم المتقدمة.
ــ الترحيب بالرواد في مجال العلوم والتقنية والتجارة والأعمال والتعليم من خلال التعيين والشراكات.
ــ توفير الحرية للباحثين للإبداع والتجريب.
ــ تجسيد أعلى المعايير الدولية للمستوى العلمي والبحوث والتعليم و التعلم.
ــ توفير الحرية للحصول على المعلومات وتبادل المعارف والمهارات والخبرات لتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي.
ــ احتضان وحماية حرية البحث والفكر والنقاش فيما يتعلق بالعمل العلمي.
وبقي على قطاعات مجتمعنا المختلفة واجب دعم هذا المشروع الحضاري العالمي الرائد.. فيتوجب على القطاعات الصناعية والحكومية التفاعل مع الجامعة لتأسيس شراكة مثمرة لتطوير صناعة الوطن والإفادة من معطيات الجامعة ومركزها البحثي العالمي.. من خلال تحويل الأبحاث والاكتشافات إلى صناعات جديدة وجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
وحيث إن الجامعة استقطبت عقولا بحثية عالمية.. وهو أمر صعب في ظل الاستقطابات العالمية.. نجحت الجامعة في تحقيقه.. فإن من واجبنا الترحيب بهؤلاء العلماء ودعمهم وتشجيعهم.. فهم شركاء في صناعة المستقبل المشرق للبلاد.
ونظرا لحتمية توفر الاستقلالية الإدارية والمالية لهذه القلعة العالمية حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.. فإن من الضرورة بمكان توفير مصدر دخل مستمر ودائم . ويتأتى ذلك من خلال (الوقف).
وأخيرا.. لا نملك إلا أن نقدم تحية إكبار لخادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ ولكل من ساهم في تحويل هذا الحلم إلى حقيقة معاشة.


آخر تحديث
10/10/2009 9:57:56 AM