العنف الأسري .. متى يتوقف؟!

جريدة عكاظ الاثنين 25/10/1434هـ الموافق 1 سبتمبر 2013 م العدد 4459

 

عبدالإله ساعاتي

أضرمت (حنان) النار في جسدها الغض وقضت.. بسب العضل والضرب والتعنيف الذي لاقته من أخيها وخالها.

وطفل في السابعة من العمر ينقل الى طوارئ المستشفى ليكتشف الأطباء إصابته بنزيف داخلي في البطن.. وبعد التحقيق يتبين أن والده ضربه (لكمة) قوية على بطنه.. أدت من قوتها إلى تعرض الطفل الصغير لهذه الحالة المرضية النادرة..

والطفل راكان الذي تعرض للضرب والحرق بالماء المغلي.. والذي نشرت «عكاظ» قصته يوم الثلاثاء الماضي.

وزوجة يضربها زوجها لكما ورفسا حتى يغمى عليها وتنقل إلى طوارئ المستشفى.. ويتبين الأطباء حاجتها إلى التنويم في العناية المركزة إنقاذا لحياتها.. ثم تستكمل العلاج في قسم التنويم بالمستشفى.

وبعد شفائها يقضى بتسليمها لزوجها الذي ضربها.. وذلك باعتباره ولي أمرها (أي تسليمها لجلادها)!! ومن ثم قد تتكرر نفس المأساة!!.

وفي حالات كثيرة قد لا تجد المرأة المعنفة مكانا آخر تلجأ إليه فتضطر للعودة إلى زوجها.. أو أن يقوم الزوج بتهديدها بحرمانها من أطفالها.. فتضطر للعودة إليه وتعاني صنوفا من الاضطهاد والتعنيف والامتهان. مآسٍ كثيرة لا حصر لها من العنف الأسري يدمى لها القلب تتكرر بشكل مكثف.. منها ما تشهد به أقسام الطوارئ في المستشفيات.. ومنها ما يعالج في البيت أو العيادة الطبية.

ولقد تنامت ــ للأسف ــ هذه الظاهرة (ظاهرة العنف الأسري) بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية.. حيث تشير إحصائيات الإدارة العامة للحماية الاجتماعية إلى أن العام الماضي شهد (1049) حالة عنف أسري.

وتشير إحصائيات وزارة العدل إلى أن المحاكم العامة تلقت 454 قضية عنف ضد المرأة.

وفي تصوري أن هذه الإحصائيات لا تمثل سوى القليل من العدد الفعلي لحالات العنف الأسري.. حيث إن الغالبية من الضحايا يتجنبون أو لا يستطيعون بلوغ المحاكم.

ولقد استبشر الجميع بصدور نظام الحماية من الإيذاء الذي يشكل بداية نظامية حقيقية في التصدي لظاهرة العنف الأسري.. ويعكس حرص الدولة على حقوق وسلامة وكرامة أفراد المجتمع.. كما يستجيب النظام الجديد للمتطلبات الدولية.

النظام الذي انتظرناه طويلا يعكس قرارا تاريخيا بمواجهة منظمة للظاهرة التي يرفضها ديننا الإسلامي الحنيف وترفضها كافة الأديان السماوية والمبادئ والأخلاق الإنسانية السوية.

جاء النظام شاملا ومحفزا الجميع بالمساهمة في التصدي للظاهرة، داعيا موظفي القطاعين العام والخاص إلى الالتزام بالإبلاغ بحالات الإيذاء.. وحدد طرق المساعدة والمعالجة وخدمات الإيواء والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية.. متضمنا عقوبات محددة للمعنفين والمهددين بالإيذاء، وأيضا للممتنعين عن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

وما نتطلع اليه هو أن تأتي اللائحة التنفيذية للنظام لتغطي كافة الجوانب التفصيلية وتحددها بصورة تساهم في تحقيق الهدف الأساسي من صدور النظام، وهو التصدي لظاهرة العنف الأسري.. ومعاقبة المعنفين.. ومعالجة ضحاياه صحيا ونفسيا واجتماعيا.

فالمهم دائما هو التنفيذ.. الذي يتوجب أن تحدد اللائحة التنفيذية آلياته بوضوح.

وهناك جانب آخر مهم في قضية التصدي لظاهرة العنف الأسري.. ألا وهو دور المحاكم التي تنظر قضايا العنف الأسري.. حيث يستغرق النظر في القضايا سنوات تزيد من معاناة المعنفين وتعمق مآسيهم.. إضافة إلى تباين الرؤى حول بعض الأمور مثل مفهوم القوامة للرجل على المرأة..

وأعتقد أن الأوان قد آن لإنشاء (محاكم أسرية) متخصصة بشؤون الأسرة، ومن بينها الظواهر الأخرى مثل ظاهرة العنف الأسري.

وهناك حاجة ماسة لتنظيم حملة توعوية مكثفة عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة.. وعبر وسائل الإعلام الجديد بكافة قنواته.. حول ظاهرة العنف ومخالفتها للشريعة الإسلامية السمحة والأخلاق الإنسانية القويمة والآثار الخطيرة لهذه الظاهرة من جميع النواحي.

ويتطلب الأمر تنظيم حملات توعوية في الجامعات والمدارس والمشاركة الفاعلة للمساجد وأئمتها.

وفي كل الأحوال، يتوجب القول إن نجاح تطبيق هذا النظام يتطلب تضافر جهود كافة الجهات المعنية، إلى جانب مختلف شرائح وأفراد المجتمع بشكل عام.


آخر تحديث
9/5/2013 12:52:54 PM