في جدة .. عمال النظافة ينضمون إلى قافلة المتسولين !

جريدة عكاظ الاربعاء 19/9/1434 هـ الموافق 28 يوليو2013 م العدد 4424

 

عبدالإله ساعاتي

تحدث الكثيرون وكتبت مقالات وتناولت وسائل الإعلام المختلفة بكافة قنواتها ظاهرة التسول التي استفحلت في مدينة جدة بشكل غير مسبوق.. ولا سيما خلال هذا الشهر المبارك.. شهر رمضان الكريم.

والكثير من هؤلاء المتسولين يأتون من خارج البلاد إما تسللا أو بتأشيرة العمرة.. وأمامهم هدف واحد يسعون إليه.. ألا وهو التسول.. مستغلين طيبة وسذاجة وعاطفية بعض المواطنين..

ويستعد هؤلاء المتسولون لذلك بارتداء الأزياء السعودية رجالا ونساء.. والبعض منهم يصطحب أطفالا معاقين يستجدون بهم!!.

في داخل المساجد تجد مجموعة من هؤلاء بعضهم يلقي كلمات.. ومنهم من يحمل أطفالا مرضى أو معاقين.. وما أن تخرج من المسجد حتى ترى مجموعة أخرى.. وتركب سيارتك وما أن تقف عند إشارة المرور إلا ويتقاطر عليك متسولون طارقين نافذة سيارتك.. وتذهب إلى محطة البنزين لتعبئة سيارتك بالوقود وتجدهم يتحلقون حول سيارتك.. وتراهم في كل مكان تذهب إليه في المراكز التجارية وفي المطاعم والأسواق.. في كل مكان!!.

ولم يقتصر الأمر على هؤلاء المتسولين.. بل تحول عمال شركة نظافة مدينة جدة في الشوارع إلى متسولين.. تركوا مهام النظافة وتفرغوا للتسول.. التي أصبحت مهنة مربحة في ظل طيبة وسذاجة بعضنا!! تجدهم يقفون طوال الوقت بمكانسهم وما إن تضاء الإشارة الحمراء حتى يتحركوا بين السيارات يبتسمون ويحيون سائقيها استجداء وتسولا.

إن التسول ــ لا ريب ــ ظاهرة غير حضارية .. تعطي انطباعا مسيئا للواقع التنموي في البلاد.. وربما يكون فيها مخالفة شرعية تؤسس لقيم دينية واجتماعية غير سوية.. فالدين الإسلامي الحنيف ينهى عن امتهان التسول.. بل إن من مقاصد الشريعة الحفاظ على كرامة الإنسان وصون قيمته الإنسانية.

وجميع الدول والمنظمات والأنظمة الدولية المختصة تكافح هذه الظاهرة التي تتنافى مع القيم الإنسانية.

وتقع مسؤولية مكافحة ظاهرة التسول في المملكة على وزارة الشؤون الاجتماعية التي أنشأت أربعة مكاتب في الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.. إلا أن واقع الحال يؤكد أن هذه المكاتب موجودة اسما.. ولكنها غير موجودة عملا وواقعا وعطاء..

وحيث إن التسول يعد ظاهرة مسيئة للبلاد ومزعجة لسكان المملكة.. كما أنها تعطي صورة وانطباعا سيئا لدى زوار المملكة من المعتمرين وغيرهم الذين يزورون البلاد بالملايين قادمين من مختلف أنحاء العالم عن المملكة العربية السعودية التي أنعم الله ــ سبحانه ــ عليها بخيراته..

إن تفاقم قضية المتسولين بهذه الصورة المسيئة والمزعجة يستوجب التصدي لها بحزم وفعالية.. فلقد تأكد أن وزارة الشؤون الاجتماعية ومكاتب مكافحة التسول.. أصبحت عاجزة عن مواجهة هذه الظاهرة وعن التعاطي معها بصورة فعالة.. الأمر الذي يستدعي تبني آليات جديدة فعالة تمكن من مكافحة ظاهرة التسول بفعالية وجدية.. ويمكن أن يتم ذلك من خلال توفير الدعم المادي والبشري بشكل معياري فعال لوزارة الشؤون الاجتماعية وإعادة هيكلة مكاتب مكافحة التسول ودعمها بالموارد المادية والبشرية اللازمة للنهوض بمهامها.. ويقتضي الأمر توفير الدعم اللازم لهذه المكاتب من قبل وزارة الداخلية عبر أقسام الشرطة.. بحيث يتم تنظيم حملات مكثفة من قبل فرق متخصصة تضم من بينها أفراد من الشرطة.. فيتم القبض على المتسولين وإحالتهم إلى الجهات المختصة.

وإلى جانب ذلك يتوجب تنظيم حملة توعوية مكثفة مبنية على أسس علمية مدروسة من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، إلى جانب وسائل الإعلام الجديد بكافة قنواته، إضافة إلى المساجد لتنوير المواطنين بمصارف الزكوات والصدقات المتاحة.. وحثهم على تجنب توجيه زكواتهم وصدقاتهم على المتسولين.

أما بالوضع القائم حاليا.. فإن هذه الظاهرة المسيئة سوف تستمر.. بل وتتفاقم، فالوضع الحالي يشجع المزيد من ممتهني التسول على القدوم إلى المملكة بهدف الاسترباح من خلال هذا السلوك غير الحضاري.

 


آخر تحديث
8/19/2013 10:55:46 AM