جريدة عكاظ الاحد 12/9/1434هـ الموافق 21 يوليو 2013 م العدد 4417
عبدالإله ساعاتي
يعقد، اليوم الأحد، الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وهي مناسبة تحثنا على الحديث عن نظام المناطق الذي مضى على صدوره أكثر من 22 عاما.. حيث صدر في 27 شعبان من عام 1412هـ متزامنا مع صدور النظام الأساسي للحكم ونظام الشورى.
وفي الوقت الذي يمثل فيه صدور هذه الأنظمة الثلاثة نقلة حضارية تاريخية تعزز عمليا مفاهيم دولة المؤسسات الدستورية.. وتعد انتقالا لمرحلة تاريخية في نظام الحكم والإدارة بالمملكة العربية السعودية.. إلا أن مرور ما يقارب الربع قرن من عمر الزمن على صدور نظام المناطق يستوجب وبالضرورة العمل على تطويره وتحسينه بما يواكب المتغيرات الكبيرة والتطورات المتسارعة التي شهدتها بلادنا خلال هذه الحقبة الزمنية الطويلة.. على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية.
ورغم أن نظام المناطق يجد جذوره في العام 1359هـ حين صدر نظام أمراء المناطق والمجالس الإدارية.. ثم انتقل إلى مرحلة أخرى في العام 1383هـ مع صدور نظام جديد للمناطق قسم المملكة إلى ثلاث مناطق رئيسية هي: الغربية والوسطي والشرقية.. إضافة إلى المنطقة الجنوبية والمنطقة الشمالية ومنطقة القصيم.. إلا أن ذلك النظام ظل محدودا شمل عموميات ربما تتفق مع طبيعة الظروف التي كانت قائمة آنذاك.
ولقد تضمن النظام القائم حاليا إنشاء مجالس المناطق.. بحيث يضم مجلس المنطقة في تشكيله مديري الإدارات الحكومية في المنطقة إلى جانب مجموعة من رجال الأعمال ووجهاء المنطقة.. وهذه هي الخطوة الفارقة والهامة.. حيث عززت مفهوم المشاركة المجتمعية في إدارة المنطقة.
ولكن الواقع العملي والدور المحدود نسبيا لمجلس المنطقة.. يؤكد الحاجة الماسة إلى إعادة تقييم وتقويم دوره وفعاليته في الإدارة والتنمية المحلية.. حيث ما زال دوره محدودا وفعاليته قاصرة عن بلوغ تطلعات المجتمعات المحلية.
ومن هذا المنطلق، فإن هناك حاجة ماسة إلى إعادة دراسة نظام المناطق دراسة علمية معمقة وشاملة تستهدف تحديد الإيجابيات ومن ثم السعي لتعزيزها.. والوقوف على السلبيات بهدف تلافيها.
إن الواقع العملي لدور مجالس المناطق يستدعي منحها المزيد من الصلاحيات.. ولا سيما الصلاحيات التنفيذية المؤثرة في المسيرة التنموية للمنطقة.. حيث أن أعضاء مجلس المنطقة هم الأكثر قربا وتلمسا لاحتياجات المنطقة وسكانها في تطوير الخدمات العامة فيها.
ويقتضي ذلك الحد من ظاهرة المركزية الشديدة التي تعاني منها الإدارة المحلية في بلادنا .. وهي من السمات التي أجمع علماء الإدارة على اعتبارها من أبرز معوقات المسيرة التنموية للإدارة المحلية.
ذلك أن اعتماد أولويات المشاريع التنموية في المنطقة يتوقف على قرار المسؤول في الجهاز المركزي (في الوزارات).. الذي كثيرا ما يكون بعيدا عن معرفة احتياجات المنطقة.. وربما لم يسبق له زيارة المنطقة.. وبالتالي فإنه قد يصدر قراره بطريقة بيروقراطية اعتمادا على الورق!! بينما أعضاء مجلس المنطقة، بمن فيهم مديرو الإدارات الحكومية وممثلو المجتمع المحلي، هم الأكثر معرفة باحتياجات المنطقة وسكانها والأكثر تفهما لمتطلباتها.. وبالتالي الأكثر قدرة على تحديد أولوياتها.. بناء على معايشتهم اليومية للواقع الفعلي.
ويتطلب ذلك تعيين مديري الإدارات الحكومية في المناطق من أصحاب الكفاءة العالية والإمكانية الجيدة في صنع واتخاذ القرارات المبنية على أسس علمية بما يحقق الأهداف التي تسعى الوزارات في خططها الاستراتيجية لتحقيقها.
كما أن هناك أمرا مهما أخفق نظام المناطق الحالي في معالجته وتحديده بصورة واضحة.. ألا وهو التداخل في الصلاحيات بين أمير المنطقة والوزارات المعنية في أمور التنمية المحلية.. فرغم أن النظام نص على أن من وظائف أمير المنطقة العمل على تطويرها اجتماعيا واقتصاديا وعمرانيا، والعمل على تنمية الخدمات العامة في المنطقة ورفع كفاءتها.
كما نص على أن أمير المنطقة يشرف على أجهزة الحكومة وموظفيها في المنطقة للتأكد من حسن أدائهم لواجباتهم.
إلا أن النظام نص أيضا على ارتباط موظفي الوزارات المختلفة في المنطقة بمراجعهم!!.
وبعيدا عن الجوانب المعنوية.. فإن الأمر يتطلب حدودا نظامية واضحة نأمل معالجتها في التطوير المنتظر ــ بمشيئة الله تعالى.
ولا يسعني، في الختام، إلا أن أدعو الله ــ سبحانه وتعالى ــ أن يوفق أمراء المناطق في اجتماعهم بما يحقق تطلعات قيادتنا الرشيدة ويلبي احتياجات المواطنين الأوفياء.
|