جريدة عكاظ الاحد 30/7/1434هـ الموافق 9يونيو 2013م العدد 4375
عبدالإله ساعاتي
مكة المكرمة.. مهبط الوحي ومنبع النور ومهد الرسالة وقبلة الكون.. وفيها الرحاب الطاهرة.. الحرم المكي الشريف وبه الكعبة المشرفة التي تهفو إليها قلوب وتتوجه صوبها صلوات مليارات المسلمين من مختلف أصقاع الكرة الأرضية.
هي المكان الذي قال عنه الرسول الكريم ــ صلوات الله وسلامه عليه: (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك). وفضائل مكة المكرمة والحرم المكي الشريف لا تعد ولا تحصى.
أحرص يوميا على متابعة نقل صلاة المغرب من خلال قناة القرآن الكريم (جزى الله وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة كل خير على إنشاء هذه القناة المباركة) استمع إلى قراءات شيوخنا الأفاضل المعيقلي وفيصل غزاوي وخالد الغامدي وعبدالرحمن السديس.. وغيرهم.
وأتابع ما أمكن من خلال هذه القناة المباركة خطبة الجمعة من الرحاب الطاهرة من مشايخنا الكرام أسامة خياط وصالح الحميد والشريم.. وغيرهم.
ويشهد الحرم المكي الشريف زحاما كبيرا لا يعد اعتياديا.. أرتال من البشر تتحرك داخل جنبات المسجد الحرام بين المسعى والمطاف لأداء مناسك العمرة وفروض الصلاة.. وذلك بعد قرار فتح موسم العمرة على مدار العام.
وتشير الإحصائيات إلى أن أعداد المعتمرين من خارج المملكة تزداد عاما بعد آخر بمعدلات قياسية.. حيث ارتفع عدد المعتمرين من (4) ملايين معتمر العام قبل الماضي إلى (5) ملايين العام الماضي..
وحيث أن زيادة أعداد المعتمرين لن تتوقف، فإن الأمر يستدعي إعادة النظر في قرار فتح موسم العمرة على مدار العام.. ويتطلب تحديد سقف معين لأعداد المعتمرين كل سنة.
وهناك مسوغات موضوعية، بل وضرورية لذلك.. أذكر منها التالي:
ــ حرص الدولة ــ أيدها الله ــ على تقديم أفضل الخدمات الشمولية لضيوف الرحمن الكرام من المعتمرين وتمكينهم من أداء مناسك العمرة بيسر وسهولة.. ولكن زيادة أعدادهم بهذه الصورة القياسية يعوق جهود تقديم أفضل الخدمات لهم في مختلف المجالات التنظيمية والأمنية والصحية والمرورية وغيرها.. كما يشكل ضغطا غير طبيعي على هذه الخدمات.
ــ إن لمكة المكرمة ــ حرسها الله، وللحرم المكي الشريف على وجه الخصوص، طاقة استيعابية محددة.. يصعب معها استقبال هذه الملايين من الكتل البشرية.. التي تفوق هذه القدرات الاستيعابية.
ــ إن هناك مشاريع إنشائية ضخمة جارية في الحرم المكي الشريف تتمثل في التوسعة التاريخية الكبرى للحرم.. إضافة إلى جسر الطواف المعلق.. وهو ما يستدعي التريث في استقبال هذا العدد الضخم من المعتمرين حرصا عليهم.. وتمكينا لأعمال التشييد.. حتى يتم الانتهاء من أعمال البناء.
ــ كما أن هناك مشاريع معمارية ضخمة جارية في مكة المكرمة وفي محيط الحرم.. لعل منها مشاريع النقل العام ومشاريع القطار ومشاريع الطرق الضخمة ومن أبرزها طريق الملك عبدالعزيز.
ــ إن المعتمر يحتاج إلى شيء من السكينة والاطمئنان لإحسان العبادة والنسك.. وفي ظل هذا الزحام الكبير يصعب على المعتمر أداء مناسكه بالطمأنينة التي ينشدها.
وفي الوقت الذي ندرك فيه حرص الدولة على تمكين جميع الراغبين في أداء العمرة على أدائها قادمين من أي مكان في العالم.. وفي الوقت الذي يسعدنا ــ كمسلمين ــ الازدياد المستمر في أعداد الراغبين في أداء العمرة، وهذا ما نأمله جميعا.. إلا أن المبررات والمسوغات التي أشرت إليها أعلاه تؤكد الحاجة الماسة إلى تنظيم أعداد المعتمرين بتحديد سقف للمعتمرين القادمين من خارج المملكة.. فهو ما يعد مطلبا مهما يصب في مصلحة المعتمرين أساسا .
وفي ذات الوقت، فإن الأمر يتطلب العودة إلى تحديد أوقات العمرة بأشهر معلومة، كما كان الوضع في السابق.. حتى يتاح للأجهزة المعنية الوقت الكافي للاستعداد الجيد لموسم العمرة .. فهذه الأجهزة والعاملون فيها بحاجة إلى التقاط الأنفاس لعمل جديد مكرس لخدمة ضيوف الرحمن الكرام.
|