مع حلول الصيف .. وحتى لا تتكرر أزمة المياه في جدة

جريدة عكاظ الاحد 16/7/1434هـ الموافق 26 مايو 2013م العدد

 

عبدالإله ساعاتي

يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: «وجعلنا من الماء كل شيء حي». فالماء هو عصب الحياة وضرورة البقاء والديمومة البشرية.

وتعاني بلادنا على امتداد التاريخ من شح في المياه ناتج عن عدم توفر مصادر المياه فيها من أنهار وعيون وجداول إلى جانب شح الأمطار.

واستقراء التاريخ يذكرنا بـ «كنداسة جدة» في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيب الله ثراه. حيث تم إحضار جهاز لتحلية مياه البحر في خطوة رائدة وتاريخية.

وظلت مدينة جدة تشهد انقطاعات متكررة في المياه عانى منها أهلها وساكنوها كثيرا.. مع وعود متكررة من قبل المسؤولين عجزوا عن الوفاء بها.

وعندما أنشئت شركة المياه الوطنية ظننا أن تحويل مسؤولية توفير مياه الشرب إلى القطاع الخاص من شأنه أن يقضي على هذه المعضلة التاريخية ويرفع عن سكان جدة معاناة مريرة ومشكلة مؤرقة.

ومنذ نحو العامين تحسنت بالفعل إمدادات المياه وشعر الأهالي بالفارق وظنوا أنهم ودعوا مشكلة المياه.. إلا أنهم ما لبثوا أن استفاقوا على أزمة مياه خانقة انقطعت خلالها إمدادات المياه عن المنازل وجفت خزاناتها على امتداد ما يقارب الشهرين «جمادى الأولى والثانية» بأيامهما ولياليهما!!

اكتظ خلالها الناس بأعداد كبيرة في الأشياب منذ الفجر الباكر وتحت لظى الشمس الحارقة للحصول على «وايت» صهريج يروي عطش الأسر أطفالا ونساء ورجالا.

كان وضعا مأساويا عبر عنه المشرف على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حين قال، إن شركة المياه لم تقم بتهيئة الأشياب بالشكل الذي يصون كرامة الإنسان وغاب فيها التنظيم وظهر فيها التمييز اللا إنساني بين المواطنين والمقيمين وافتقدت الأماكن المناسبة للنساء وكبار السن والمعوقين.

ولقد كشفت هذه الجريدة أن محطة التحلية الثانية التي بلغت تكلفتها نحو 4 مليارات ريال جاهزة للعمل منذ أكثر من شهرين قبل حدوث الأزمة وأن تأخر شركة المياه في توفير أنابيب النقل كان وراء تعطل ضخ 240 ألف متر ماء مكعب من المياه إلى جدة !!

تلك الأزمة الخانقة التي وجدت طريقا للحل بعد تدخل سمو أمير المنطقة تبين بجلاء أن هناك قصورا كبيرا في الأداء الاستراتيجي والتشغيلي لدى شركة المياه الوطنية وجسدت الأزمة حقيقة غياب التخطيط العلمي المدروس في التعامل مع عصب الحياة.. وأظهرت تقاعسا جليا في التعاون مع المواطنين والمقيمين.

إذ أن حل الأزمة بمجرد تدخل سمو الأمير الكريم يثير تساؤلا يبحث عن إجابة عند الشركة.. لماذا يحتاج الأمر تدخل الأمير حتى تحل الشركة الأزمة ؟ لماذا لم تحلها بدون تدخل طالما أنها قادرة على فعل ذلك ؟!

في كل الأحوال ومع حلول فصل الصيف وتوقع ارتفاع معدلات استهلاك المياه فيه فإن الشركة مطالبة باستراتيجيات ونماذج استباقية، فعندما يحين موعد صيانة محطة لا بد أن تكون هناك بدائل تضمن استمرار الإمدادات.. إذ يجب أن تكون هناك احتياطات لأوقات الطوارئ.

ومن المفترض أن تبنى الاستراتيجيات على دراسات معمقة للاحتياجات المستقبلية وتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب.

جدة بحاجة إلى استراتيجية مائية تحقق الأمن المائي وترتقي بمستوى الخدمات وتعزز الموارد المائية وتحقق التنمية المستدامة في إنتاج المياه.

هذا فضلا عن الخزن الاستراتيجي الذي أعلنت الشركة منذ سنوات عن شروعها في تنفيذه، ولكننا لم نلمس فيه جديدا حتى تاريخه.

 


آخر تحديث
5/28/2013 11:27:07 AM