استثمار مهلـة تصحيـح أوضاع العمالـة !!

جريدة عكاظ الاحد 25/6/1434 هـ الموافق 5 مايو 2013 م العدد 4340  

 

عبدالإله ساعاتي

وجدت وزارة العمل نفسها أمام حقائق مرة وتحديات كبيرة يشهدها سوق العمل السعودي.. لعل منها أن عدد العاطلين عن العمل من السعوديين بلغ نحو 2.5 مليون مواطن ومواطنة.. في وقت بلغ فيه عدد الوافدين نحو ( 9 ) ملايين شخص.. يمثلون ما نسبته 33% من سكان المملكة.. وأن هناك 300 ألف باحث عن عمل سنويا.

ولم يكن لوزير عمل متميز مثل ( عادل فقيه ) أن يتخذ موقف المتفرج أمام هذه الحقائق والتحديات التي تزداد تفاقما من وقت لآخر.. حيث تصدت الوزارة لهذه التحديات بإطلاق عدد من المبادرات والبرامج.. لعل من أبرزها برنامج نطاقات الذي أحدث نقلة في التركيبة الهيكلية للقوى العاملة في القطاع الخاص السعودي.. هذا إلى جانب مبادرات أخرى من بينها حافز وطاقات وإقرار الحد الأدنى للأجور.. وغيرها.

ونستطيع القول بلغة الأرقام إن الوزارة حققت من خلال مبادراتها نجاحات جيدة.. حيث تم توظيف أكثر من 600 ألف سعودي من الجنسين.. وكشفت عن 150 ألف سجل تجاري لشركات وهمية..

ولقد نظمت خلال الشهر الماضي حملة تفتيش مكثفة وواسعة عن العمالة غير النظامية شارك فيها وزارة الداخلية وإمارات المناطق ووزارة العمل.. أحدثت الحملة ضجة كبيرة وأغلقت متاجر ومؤسسات ومدارس ومستوصفات.. وغيرها.

حتى جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر. ومن لم يقم بذلك فيطبق بحقه النظام.

قرار خادم الحرمين الشريفين هذا يأتي من منطلق الحكمة التي عرف بها ــ حفظه الله ــ وحرصه المشهود على مصالح الأمة.

وفي هذا القرار أيضا رسالة نبيلة للمقيمين بأن الهدف الأساسي من الحملة هو تصحيح الأوضاع المخالفة لأنظمة الدولة.. مع التأكيد على تقديرنا الكامل لهم كشركاء في عمليات البناء والتنمية.

كما أنها تعد فرصة للجهات الحكومية المعنية لترتيب أعمالها وتهيئة جهودها لمرحلة عملية جديدة.

وفي ذات الوقت فإنه يتوجب على وزارة العمل تطوير نظام الاستقدام وتوسيع نشر مكاتب تأجير العمالة للتيسير على المواطنين أفرادا وأصحاب أعمال في الحصول على احتياجاتهم من العمالة التي يحتاجون إليها.. حتى لا تضطرهم للجوء إلى العمالة غير النظامية لسد احتياجاتهم.

استثمار المهلة لتحقيق مصالح جميع الأطراف تستدعيه العديد من المبررات.. لعل في مقدمتها أن المشكلة كبيرة تراكمت عبر سنوات مديدة تتمثل في عقود زمنية.. أكدت هذه الحقيقة الحملة التي توقفت بسببها مشاريع وأغلقت مدارس ومراكز صحية في مختلف أرجاء الوطن.. وكشفت عن أن المقيمين المخالفين لأنظمة العمل والإقامة عددهم كبير.. وبالتالي فإن تصحيح أوضاعهم يحتاج إلى وقت.

كما أن الجهات الحكومية المعنية بتصحيح أوضاع المخالفين مطالبة أن تقوم بتصحيح أوضاع هذا العدد الكبير خلال هذا الوقت الممنوح.. وبالتالي فهي تحتاج إلى المزيد من الوقت.

على الجانب الآخر فإن مهلة الثلاثة أشهر تنتهي مع بداية شهر رمضان ويتبعه عيد الفطر ومن ثم دخول موسم الحج.. ولهذه المواسم ظروفها الخاصة التي تجند الطاقات وتكرس الجهود نحوها من قبل جميع القطاعات.. وانطلاق حملة تفتيش على العمالة غير النظامية في هذا التوقيت قد لا يتناسب مع طبيعة وظروف هذه المواسم.

ومن هذا المنطلق فإن تفعيل أدوات تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لنظامي العمل والإقامة يعد مطلبا موضوعيا ومنطقيا.. خاصة أن وزير العمل كان قد أعلن عن عقوبات شديدة لمخالفي هذين النظامين.

وفي المقابل فإن على الجميع المواطنين أصحاب الأعمال الكفلاء والمقيمين واجب الحرص الكامل على تصحيح أوضاعهم وأوضاع المقيمين الذين يكفلونهم حتى يكونوا في وضع نظامي وبالتالي يتجنبوا التعرض لعقوبات قد تكون قاسية عليهم..لاسيما أن وزارة العمل أعلنت عن تسهيلات كبيرة لتصحيح أوضاع المخالفين للأنظمة.

 


آخر تحديث
5/5/2013 9:08:21 AM