جريدة عكاظ الاحد 18/6/1434 هـ الموافق 28 ابريل 2013 م العدد 4333
عبدالإله ساعاتي
أنشئت «هيئة الاتصالات» في عام 1422هـ في إطار حرص الدولة على مواكبة التطورات الضخمة التي يشهدها قطاع الاتصالات على مستوى العالم .. وفي عام 1424هـ توسعت مهامها لتشمل تقنية المعلومات .. حيث أصبح مسماها الرسمي الحالي «هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات».
وتعنى الهيئة بنشر خدمات الاتصالات وتوفير بيئة تنظيمية عادلة .. إلى جانب توفير خدمات اتصالات شاملة بجودة عالية وبأسعار مناسبة وفتح قطاع الاتصالات في المملكة للمنافسة والتزام الشفافية الكاملة.
الأهداف المحددة للهيئة نصت على : «خلق بيئة تنافسية على أسس من العدالة والشفافية ينبثق منها توفير خدمات اتصالات شاملة بجودة عالية وبأسعار مناسبة».
ومن الأهداف المحددة للهيئة كما ــ جاء في نظامها ــ : حماية حقوق المستخدمين .. وحماية مصالحهم.
ولكن الملاحظ أن الهيئة تسير في اتجاه يبدو أنه يخالف هذا الهدف .. حيث يتبدى بجلاء حرصها على شركات الاتصالات أكثر من شركات الاتصالات نفسها !!
وفي تصوري أن الهيئة ــ للأسف ــ تمادت في هذا الأمر ..
فبالأمس القريب حاولت حظر خدمات ( السكايب والفايبر والواتس أب ) .. وهي الخدمات التي يتمتع بها المواطن مجانا بدون مقابل برغبة كاملة من شركات الاتصالات..
ولكن ذلك لم يعجب الهيئة .. لم يعجبها أن المواطن يحصل على هذه الخدمات مجانا .. فحاولت جاهدة منعها .. وذلك دون مبررات موضوعية وبدون أي مبدأ قانوني أو داع أمني أو تجاري لمنع مجانية هذه الخدمات خاصة أن هذه الخدمات موجودة مجانية في معظم دول العالم.
ولكن نحمد الله أن محاولة هيئة الاتصالات هذه باءت بالفشل الذريع بعد أن رفضها وعي المسؤولين في الدولة..
وقبل بضعة أيام تلقينا على جوالاتنا رسالة من شركات الاتصالات نصت على التالي : «تطبيقا لقرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، نفيدكم بأنه سيتم إيقاف الاستقبال المجاني أثناء التجوال الدولي بدءا من يوم الجمعة 16 جمادى الآخرة 1434هـ وسيتم احتساب تكلفة الاستقبال للدقيقة أثناء التجوال حسب الأسعار المعلنة» .
هذه الرسالة تجسد السعي الجامح للهيئة نحو تحميل المواطنين أعباء مالية لصالح شركات الاتصالات دون أن تسعى هذه الشركات لذلك..
شركات الاتصالات في المملكة تتواجد في سوق ضخم تحقق من ورائه سنويا أرباحا مالية ضخمة تدخل في خانة المليارات.. ونراها تنفق بعض أرباحها الفائضة في ملاعب الكرة العالمية.
وهيئة الاتصالات بهذا تناقض هدفا رئيسيا من أهدافها المنصوص عليها نظاما.. ألا وهو حماية مصالح المستخدمين وحقوقهم.
كما أنها بهذا تخالف هدفا آخر من أهدافها النظامية ألا وهو إيجاد المناخ المناسب لتشجيع المنافسة العادلة.. فهي لا تترك شركات الاتصالات تتنافس بالطريقة التي تريدها.. فشركات الاتصالات تريد تقديم هذه الخدمة للمستخدمين مجانا.. بينما تدخلت الهيئة قسرا وأرغمت الشركات على فرض رسوم على التجوال الدولي.
كما أن الهيئة ركزت على إرغام شركات الاتصالات على فرض رسوم على المستخدمين وانشغلت بهذه الأمور عن رسالتها الأساسية الصادرة بقرار وزاري والتي تنص على التالي : «توفير خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في جميع أنحاء المملكة بجودة عالية».
حيث لازالت بعض المناطق في المملكة تعاني من سوء خدمات الاتصالات ومن ضعف بائن في خدمات الانترنت .. ولازالت سرعة الانترنت لدينا لا تقارن بما هو موجود في الدول المتقدمة .. بل حتى بما هو موجود في بعض دول الخليج الشقيقة .. فالألياف البصرية موجودة في هذه الدول منذ سنوات بينما لازال وجودها محدودا .. وتجربتي الشخصية تؤكد عدم توفرها سوى في أجزاء معينة من مدينة أو نحوها في المملكة.
أما شكاوى المواطنين ضد شركات الاتصالات .. فإن هيئة الاتصالات تتعامل معها وكأنها طرف في الشكوى بدلا من أن تحرص على مصالح المستخدمين باعتبارهم الهدف الأساسي من وجود الهيئة.
ولذلك وجدنا حالات كثيرة لجأ المواطنون فيها إلى ديوان المظالم عقب عدم إنصافهم من قبل الهيئة..
وأخيرا، لا يسعني سوى أن أطالب بإعادة هندرة الهيئة وترسيخ هويتها التي أنشئت من أجلها.. وفي مقدمتها مصلحة المستخدمين لخدمات الاتصالات.
|