جريدة عكاظ الاحد 26/5/1434 هـ الموافق 7 ابريل 2013م العدد 4312
عبدالإله ساعاتي
في مطلع الأسبوع الماضي تلقيت اتصالا من مدرسة ابني أفادني فيه المتصل بأن الدراسة متوقفة وستستمر في التوقف على مدى الأسبوع..
هاتفت على الفور مدير المدرسة متسائلا عن أسباب توقف الدراسة .. أجابني ابتداء بأن هناك ورش عمل ستعقد للأساتذة .. ولكنه عاد وأمام إصراري على إيضاح السبب الحقيقي قائلا : إن هناك حملات ملاحقة ومداهمة شديدة من قبل فرق تفتيش رسمية تستهدف غير السعوديين الذين يعملون مع غير كفلائهم وإن هذه الفرق تقوم بتمزيق وقص الإقامات والترحيل الفوري..
قلت له متعجبا: وهل أساتذتكم جميعهم ليسوا على كفالتكم ؟! .. قال : ليس جميعهم. قلت : هذا أمر مؤسف ذلك أن مدرستكم معروفة ورسومكم عالية.. كيف تقبلون أن يكون وضعكم هكذا !!. قال : إننا نعاني في الحصول على التأشيرات. قلت : لماذا لا توظفون سعوديين وسعوديات من أصحاب الكفاءات الجيدة.
قال: إننا ندرس باللغة الإنجليزية ومقرراتنا بهذه اللغة ولذلك وجدنا صعوبة بالغة في العثور على سعوديين قادرين على التدريس بهذه اللغة.
والحقيقة هي أن ما حصل معي حصل مع الكثيرين غيري .. حيث تعطلت الكثير من المدارس الخاصة وتوقف العمل في بعض المستوصفات والعيادات وأقسام بعض المستشفيات .. وأغلق الكثير من المتاجر وأصاب الشلل الجزئي العديد من المشاريع.
وفي هذا الوقت الذي نشهد فيه كل هذا الحراك ونشاهد نتائجه على أرض الواقع وبالصور على وسائل الإعلام الجديد .. يخرج علينا معالي نائب وزير العمل الدكتور مفرح الحقباني نافيا أي حملات تفتيشية على العمالة المخالفة !!.
حيث جاء في تصريح نائب وزير العمل الذي وزعته وزارة العمل على الصحف النص التالي : «نفى نائب معالي وزير العمل ما يشاع عن وجود حملات تستهدف المدارس والمستشفيات وغيرها ...» !!
نائب الوزير ينفي هنا رسميا وعلى منابر الإعلام وجود أي حملات ليس فقط على المدارس والمستشفيات .. بل أيضا على أي جهة غيرها !!.
ولا أدري كيف يقبل معالي النائب أن ينفي من على منابر الإعلام وأمام كل الناس حقائق موجودة وعملا مشاهدا قائما !!.
كنت أظن أن ظاهرة النفي من المسؤولين قد ولت وانتهت وأصبحت من الماضي مع ظهور وسائل الإعلام الحديثة والمتغيرات والتطورات السريعة التي شهدها مجتمعنا..
ففي الماضي كان الناس يستدلون بالنفي على الحقيقة .. بمعنى أنه إذا ما نفى المسؤول موضوعا فإن هذا يؤكد على صحة الموضوع !!.
إن ظاهرة النفي في مقابل حقائق دامغة ومشاهدة وفي زمن وسائل الإعلام الجديد الذي يوثق الوقائع بالكلمة والصوت والصورة .. هي ظاهرة لفظها الزمن .. وتضع من ينفي الحقائق في موقع التندر والتعليقات الساخرة.
كذلك فعل المتحدث الرسمي بالمديرية العامة للجوازات الذي نفى في تصريح إعلامي أي حملات تفتيشية على المنشآت سواء كانت صحية أو تعليمية أو غير ذلك من المنشآت !!.
بينما قبل تصريحه هذا بنحو يومين فقط صرح بأن المديرية رحلت نحو 201 ألف مخالف لأنظمة الإقامة خلال الثلاثة أشهر الماضية !!.
وفي كل الأحوال لا أجد أي مبرر للنفي.
أما قرار تصحيح أوضاع المخالفين فهو قرار صائب ولا بد من تصحيح الأوضاع..
ولكن آلية تنفيذ القرار هي التي نجد عليها الكثير من الملاحظات.. لعل في مقدمتها التوقيت السيئ لتنفيذ الحملات.. ذلك أن ما تبقى على الدراسة هو نحو شهرين.. فبدلا من أن نؤثر على سير دراسة أبنائنا وبناتنا كان حريا بنا أن ننتظر قليلا لحين انتهاء موعد الدراسة..
ثم إن تنفيذ الحملات كان ينبغى أن يتم وفق أولويات.. بمعنى أن يكون التركيز على العمالة السائبة في الشوارع التي قد تكون لها تأثيراتها السلبية على النواحي الأمنية.. ونجعل المؤسسات التعليمية والصحية والتنموية في آخر مراحل تنفيذ الحملات.
وكم كنا نتمنى لو نظمت حملة توعوية شاملة من خلال وسائل الإعلام توضح للمؤسسات المختلفة المهلة المحددة والإجراءات التي ستتبع لتصحيح الأوضاع..
حيث إن التدرج في التطبيق دائما هو الطريق الصحيح للتنفيذ خاصة في تصحيح أوضاع موجودة منذ سنوات طويلة.
|