جريدة عكاظ الاحد 12/5/1434 هـ الموافق 24 مارس 2013 م العدد 4298
عبدالإله ساعاتي
يظل تأمين السكن حلما جميلا وأملا كبيرا يراود المواطن ويؤرق فكره.. تطلعا إلى مأوى كريم يحتويه وأسرته.
ويأتي تأمين السكن في مقدمة أولويات المواطن.. الذي إذا ما خير بين تأمين كافة الخدمات التنموية وبين السكن لاختار السكن دون تردد.. ولعل استطلاعا بسيطا يكشف هذه الحقيقة..
ويعكس هذا الواقع خللا في تحديد أولوياتنا التنموية.. حيث تأخرنا كثيرا في معالجة أزمة السكن.. الأمر الذي أدى إلى استفحالها بعد أن غابت الحلول الإبداعية وتشبثنا على مدى نحو أربعة عقود بآلية الصندوق العقاري التي لفظها عامل الزمن ومتغيراته.. حتى بعد أن زادت قيمة القرض.. وليس أدل على ذلك من أن هناك أكثر من (50) ألف مواطن بلغهم الدور وأعلنت أسماؤهم إلا أنهم أحجموا عن أخذ القرض !!..
ويتجسد حجم المشكلة من نتائج التقارير التي تشير إلى أن نحو 65 % من المواطنين لا يملكون سكنا !!.
«منتدى جدة الاقتصادي» .. المحفل العالمي الذي بات يشكل علامة مميزة في المسيرة الاقتصادية والحضارية لبلادنا بمعطياته الحافلة بالتجارب المحلية والعالمية التي وضعته في خارطة المنتديات العالمية البارزة.. أحسن القائمون عليه في اختيار أزمة السكن موضوعا له هذا العام..
(7) وزراء و (40) خبيرا متخصصا من مختلف دول العالم شاركوا في المنتدى.. وطرحوا تجارب عالمية هامة.. فيما شهد المنتدى بعض الطروحات الساخنة التي تناولت أزمة السكن المحلية.
وزارة الإسكان كانت حاضرة في المنتدى ممثلة بوزيرها.. ولكن الأسئلة الحائرة لم تجد إجابات شافية. خادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ ومن منطلق حرصه على المواطنين.. أنشأ وزارة الإسكان وقدم لها دعما هائلا تمثل في 250 مليار ريال من فائض ميزانية العام الفائت دعما لميزانية الوزارة للعام الماضي لإنشاء (500000 ) وحدة سكنية.
إلا أن الوزارة للأسف حتى الآن لم تقدم عملا ملموسا يعكس هذا الدعم الهائل.. كنا نتمنى أن تكون الوزارة قد تعاقدت مع شركات عالمية أوروبية وأمريكية أو حتى صينية وكورية لتشييد مشاريع إسكانية.
وحتى لا نغمط الوزارة فيما تستحقه.. يجدر التنويه ببرنامج «التمويل الإضافي» الذي يمثل خطوة جيدة على طريق الحلول غير التقليدية التي نأملها.. حيث يشمل تمويل استكمال البناء لمن يملك أرضا وقرضا، إضافة إلى أنه سيكون هناك تمويل إضافي مبكر لمن لديه أرض ويرغب البدء في البناء قبل صدور موافقة الصندوق أو يرغب في شراء مسكن جاهز بنية التسديد المبكر عند صدور الموافقة من الصندوق أو حتى شراء أرض لإقامة منزل عليها بقرض من الصندوق.
وحيث إن حجم الأزمة أكبر من أن يقتصر حلها على الوزارة.. فإن عليها أن تسعى إلى استقطاب مشاركة القطاع الخاص في إنشاء وحدات سكنية تسير جنبا إلى جنب مع برامج الوزارة الإنشائية.. كما أقترح على وزارة الإسكان إعادة «برنامج القرض الاستثماري» الذي كان صندوق التنمية العقارية يقدمه سابقا ثم ألغي بعد ذلك.. فهذا القرض الاستثماري يشجع المستثمرين على تشييد وحدات سكنية.
أما شكوى وزارة الإسكان من عدم توفر الأراضي اللازمة لإقامة مشاريعها.. فإنه أمر غير مقبول.. ولكن وفي كل الأحوال فإن الحل لذلك هو أن تقوم الوزارة بتطبيق برنامج لشراء الأراضي بحيث تتمكن من شراء الأراضي في الضواحي خارج المدن وإقامة مشاريعها السكنية عليها.
وبصرف النظر عن بعض التغريدات التي حملت عنوان : «الذين يسكنون قصورا يتحدثون عن أزمة السكن في منتدى جدة الاقتصادي» .. إلا أن الحقيقة هي أن المنتدى حرك ساكن الأزمة وأشرع آفاق معالجاتها بالبعد التنموي العالمي في كل ما يختص بالسكن والمدن السكنية الذكية والجاذبة.. التي آمل أن نستفيد منها لمعالجة معضلة السكن.
كل ما نأمله من وزارة الإسكان أن تعمل على تطوير عمل مؤسسي يرمي إلى بناء ضواح مثالية خارج المدن وتوفير المقومات اللازمة لخلق بيئة جاذبة للسكن.. فهي بذلك لا تعالج مشكلة السكن فحسب بل تساهم في فك الاختناقات المضنية التي تعيشها المدن السعودية الكبيرة حاليا.
|