زيادة رواتب موظفي الدولة .. آن الأوان

جريدة عكاظ الاحد 21/4/1434هـ الموافق 3 مارس 2013م العدد 4277

 

عبدالإله ساعاتي

ارتفع الرقم القياسي العام لمستوى المعيشة ارتفاعا متواصلا متصاعدا خلال السنوات الماضية بشكل قد لا يكون مسبوقا.. وشمل ذلك المواد الأساسية .. إلى جانب متطلبات المعيشة الحياتية الأخرى.

وتشكل تكاليف السكن التأثير الأكبر في ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تشير التقارير الرسمية إلى أن نحو 65% من السعوديين لا يملكون سكنا ويعيشون في مساكن مستأجرة تستهلك قدرا كبيرا من دخلهم.

وتذكر الإحصائيات الرسمية أن الرقم القياسي العام لمستوى المعيشة في المملكة، ارتفع من 106 في عام 2007م إلى 141.5 في العام الحالي 2013م، بمعنى أن تكلفة المعيشة ارتفعت بنسبة قدرها 33.5% خلال السنوات الست الماضية فقط!!.

وهذه -لا ريب- نسبة قياسية عالية بكل المقاييس المحلية والدولية.

يحدث هذا في وقت ظلت فيه رواتب موظفي الدولة في مستوى متدن.. لم تواكب فيه هذه الارتفاعات المعيارية في تكاليف المعيشة.. ولم يطرأ على سلم رواتب الموظفين العام زيادات تتناسب مع هذا الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة.

لنأخذ خريج الجامعة مثالا على ذلك.. حيث يتعين على المرتبة السادسة.. وراتب هذه المرتبة الصافي قدره 7635 ريالا حسب سلم رواتب الموظفين العام الحالي.

فهل يكفي مبلغ كهذا لمواطن جامعي شاب يشق طريقه في الحياة.. كيف يغطي هذا المبلغ تكاليف إيجار المسكن وقسط السيارة والمأكل والمشرب والفواتير المختلفة.

هذا بالنسبة للمرتبة السادسة.. أما ما دونها من مراتب فإن الوضع بالتأكيد أكثر شدة. وبشكل عام فإن مستوى رواتب موظفي الدولة لا يتماشى مع المستوى العام للرواتب في المملكة.. لا سيما رواتب القطاع الخاص.

ليس هذا فحسب.. بل إن العلاوة السنوية لرواتب موظفي الدولة لا تواكب مستويات الزيادة في تكاليف المعيشة حسب الإحصائيات الرسمية.. فمبلغ العلاوة السنوية الموضح في سلم الرواتب.. أقل من مبلغ الزيادة في تكاليف المعيشة.

فالعلاوة السنوية للمرتبة السادسة هي 380 ريالا فقط.. بينما الزيادة السنوية لتكاليف المعيشة تصل إلى 600 ريال..

ومعنى ذلك هو أن الراتب يتآكل ولا يزيد مع العلاوة السنوية -كما قد يظن الموظف المسكين-.

إجمالا نقول إن التحليل الموضوعي لواقع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المملكة يؤكد الحاجة الماسة الى إعادة النظر في سلم رواتب الموظفين العام.. وضرورة إعادة هيكلته.. بحيث يبنى على معايير موضوعية جديدة تتلاءم مع الواقع المعاصر.. ويبتعد عن الآليات التقليدية التي عفى عليها الزمن.

فالعلاوة السنوية الموجودة حاليا في سلم الرواتب.. لا أعلم بناء على ماذا حددت.. حيث إنها بعيدة عن مستوى الارتفاع في تكاليف المعيشة في وقت كان يتوجب أن تحدد وفق استراتيجية تعتمد الزيادة السنوية لتكاليف المعيشة أساسا لها.

ومستوى رواتب موظفي الخدمة المدنية الحالي لا يمثل حافزا دافعا للإبداع والعطاء والتميز.

ولذلك نعاني اليوم من ضعف إنتاجية الموظف الحكومي.. وتدني مخرجات بعض مؤسسات القطاع العام .. وبطء سير إجراءات العمل فيها.

وربما يكون تدني رواتب موظفي القطاع العام محفزا للفساد الإداري الذي أنشئت هيئة عامة لمكافحته مما يعكس حقيقة وجوده كظاهرة.. حيث قد يدفع ضعف الراتب الموظف لتحين الفرصة لزيادة دخله بأية وسيلة كانت حتى يستطيع مواجهة متطلبات الحياة المتزايدة..

أقول هذا رغم إيماننا الكامل بأنه مهما كان المبرر فإن الفساد هو أمر مرفوض تماما شرعا وخلقا أيا كانت الأسباب.

وفي -تصوري- أن تحسين رواتب موظفي القطاع العام يساهم في الحد من الفساد الإداري.. فعندما يزيد دخل الموظف بشكل يتفق مع تكاليف المعيشة.. فإنه يكف عن البحث عن طرق ملتوية غير نظامية.

أما وجهة النظر التي ترى أن زيادة رواتب موظفي القطاع العام سوف ترفع معدلات التضخم الاقتصادي.. فإنها ورغم مسوغاتها الموضوعية.. إلا أن مبررات الزيادة ترجح عليها بشكل معياري.

 


آخر تحديث
3/4/2013 1:23:56 PM