«ساندي» .. والدعاء على أمريكا

«ساندي» .. والدعاء على أمريكا



صحيفة عكاظ يوم الأحد    19/12/1433 هـ   الموافق   4- نوفمبر- 2012  العدد    4158
 

يؤكد علماء الأرض أن كل موقع على الكرة الأرضية عرضة لكوارث طبيعية في زمن ما وظرف ما.. سيما بعد تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية مع التغيرات المناخية والطبوغرافية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم..
ولقد تعرضت منطقة الساحل الشمالي الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا لإعصار «ساندي» الذي ضرب المنطقة فقتل وأصاب البشر وقطع الكهرباء عن نحو ثمانية ملايين مسكن وموقع وخلف أضرارا مادية فادحة ومدمرة.. الأمر الذي دفع بالرئيس الأمريكي إلى إعلان حالة «الكارثة الكبرى» في ولاية نيويورك وتم إجلاء أكثر من مليون شخص.
ولو لم تكن استراتيجية الاستعداد لمواجهة الكارثة بذلك التميز النموذجي المدروس لكانت تداعيات الكارثة أكبر بكثير..
و «ساندي» الذي تسبب في هلع سكان الولايات المتحدة.. تسبب في ذات الوقت في فزع وترقب الكثير من السعوديين هنا في المملكة.. حيث لا تكاد توجد أسرة سعودية إلا وواحد من أبنائها أو بناتها يدرس في الولايات المتحدة.
فلقد أفاد الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة الدكتور محمد العيسى أن هناك قرابة 18 ألف مبتعث ومبتعثة سعوديين في المناطق التي ضربها الإعصار.. ونحمد الله سبحانه وتعالى أنهم جميعا بخير ـــ كما أكد ملحقنا الثقافي ـــ.
ولقد كانت بادرة رائعة من قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين مسارعته للاطمئنان على المبتعثين السعوديين من مخاطر «ساندي» الأمر الذي كان له أثره في التخفيف من الذعر الذي أصاب الأسر السعودية على أبنائهم وبناتهم.
ولكن المؤسف في الأمر هو ظهور دعوات شاذة تدعو بهلاك أمريكا ومضامين شماتة بغيضة في بعض شبكات التواصل الاجتماعي والمؤسف أكثر أن غالبية هذه الدعوات تأتي من أرض المملكة التي من أبنائها وبناتها أكثر من 18 ألفا مقيمين في مناطق الإعصار !!.
والمؤلم هو أن هذا الفكر الشاذ المتسم بالحقد المتنافي مع الطبيعة السامية والنبيلة لديننا الإسلامي الحنيف تأتي من بيننا.. ولا زالت موجودة رغم محدوديتها.. وهي ـــ لا ريب ـــ مخالفة لحقيقة الدين الإسلامي.. دين الرحمة والتسامح والإنسانية..
كنا نظن أن هذا الفكر الظلامي الجاهل شرعا قد انحسر.. ولكن هذه الحادثة أبانت أنه لا زال موجودا رغم محدوديته.. وهو لا شك يمثل أصحابه ولا يمثل شعبا كريما نبيلا شهما متميزا بطابعه الإنساني وأخلاقه الإسلامية السامية.
ولنا في رسولنا الكريم سيدنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم قدوة حسنة.. حيث قيل له : يا رسول الله ادع على المشركين، فقال : «إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة»، أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
إن وجود هذا الفكر الغارق في الجهل الشرعي الحافل بعبثية مقيتة وبغضاء مقززة.. المتنافي مع مبادئ الدين الإسلامي رمز السلام والمحبة.. والمسيء لصورة الدين الإسلامي العظيم.. والمخالف للطبيعة الإنسانية البشرية.. يستوجب منا جميعا كمسلمين ومواطنين واجب التنبيه منه والعمل على اجتثاثه وتصحيحه بما يتماشى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وبما يتفق مع أخلاقياتنا الأصيلة.. ليتوجهوا إلى المولى عز وجل بالحمد والشكر عوضا عن الحقد والبغضاء.
وها هم المبتعثون السعوديون يحصلون على رعاية واهتمام ودعم ومساندة من قبل الأمريكيين جهات رسمية ومواطنين أمريكيين في مواجهة هذه الكارثة العظمى.. فلهم الشكر على هذا.. ولهم التمنيات بزوال آثار الكارثة..
ولا أملك ختاما إلا أن أدعو المولى عز وجل أن يحمينا جميعا من كل شر.. إنه سميع مجيب.

 


آخر تحديث
11/11/2012 3:46:50 PM