الرهن العقاري .. مخاوف وتساؤلات كبيرة!

جريدة عكاظ الثلاثاء 20/8/1433هـ الموافق 10يوليو 2012م

عبدالإله ساعاتي

أعجبني كثيرا ما جاء في زاوية (وجه) بهذه الجريدة في عدد يوم الخميس الماضي تحت عنوان: (مخاوف للوزير)، وذلك بخصوص أنظمة العقار وتمويله الصادرة مؤخرا والحاجة إلى لوائح تنفيذية لهذه الأنظمة تكون طاردة لأي تفسيرات لا تخدم المواطن الذي يبحث عن شقة أو يتطلع لتخفيض أسعار الأراضي والإيجارات، ومخاوف من أن تعلق رقاب المواطنين بمقصلة البنوك فتستنزفهم بدل أن تعينهم في حل مشكلة السكن لديهم، وضرورة الاستفادة من أزمة الرهن العقاري التي كادت تسقط الاقتصاد الأمريكي.
والحقيقة هي أن المواطن العادي لم يفهم بشكل واضح ومتكامل مضامين الأنظمة الجديدة الخاصة بالرهن العقاري والتمويل العقاري، كما أن تصريحات بعض المسؤولين حول هذه الأنظمة جاءت بعموميات وضبابية وإكليشيات تقليدية معروفة على شاكلة: الأنظمة توفر للمواطن خيارات كثيرة، والأنظمة ترفع معدلات النمو، والأنظمة تطور الاقتصاد، والأنظمة تعالج مشكلة الإسكان..
ومع كامل احترامي وتقديري لمعالي وزير الإسكان، إلا أن تصريحه المطول الذي نشر في وسائل الإعلام عقب صدور الأنظمة الجديدة لم يجب على الكثير من التساؤلات الثائرة في أذهان الكثيرين من المواطنين. المواطن يبحث عن إجابات محددة، ويرغب في أن يعرف كيف تساعده هذه الأنظمة في تحقيق حلمه الكبير المتمثل في تأمين سكن له ولأسرته، لا سيما أن 60% من السعوديين لا يملكون سكنا.
أسئلة عديدة تثور باحثة عن إجابات شافية؛ هل شركات التمويل الجديدة، هي نفسها البنوك التجارية، ولكن بأسماء مختلفة؟! هل ستكون شركات التمويل الجديدة مملوكة للبنوك التجارية وتطبق نفس الأنظمة المطبقة في البنوك؟، وهل سيكون هناك فرق بين القروض العقارية التي تقدمها البنوك التجارية حاليا، وبين القروض العقارية التي ستقدمها شركات التمويل العقاري المزمع إنشاؤها؟، وهل تركز هذه الأنظمة بصفة أساسية على حماية الممول أم على تمكين المواطن البسيط من الحصول على سكن. من يحدد شروط حصول المواطن على التمويل العقاري؟ ومن يقوم بتقييم العقار وتحديد قيمته المالية؟ وإذا عجز المواطن عن تسديد التمويل هل يتم سحب العقار منه والقذف به إلى الشارع؟!. هل شركات التملك التي أنشأتها البنوك لهذا الغرض سوف تدخل سوق العقار بصفة المشتري، ذلك أنها إذا فعلت ذلك فإنها ستقود الارتفاع في الطلب على العقار ومن ثم ارتفاع أسعار العقار.. والمشكلة هي أنه ما أن يفتح مجال الرهن العقاري للحصول على قروض فإن الإقبال سيكون كبيرا من قبل المواطنين، فالمواطن لدينا ليس فقط استهلاكيا، بل هو أيضا يعيش على القروض، إذ لا يكاد يوجد مواطن إلا وعليه قروض!!. والسؤال هو أن ذلك الإقبال الكبير المتوقع سيؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات، وزيادة الطلب تؤدي حتما إلى زيادة الأسعار، فهل ستؤدي الأنظمة الجديدة إلى ارتفاع أسعار العقار وتضخمه أكثر مما هو متضخم حاليا؟!. وامتدادا لهذا السؤال.. نقول إن من المعروف أن الرهن العقاري في الولايات المتحدة شكل أزمة كادت أن تعصف ليس فقط بالاقتصاد الأمريكي، بل بالاقتصاد العالمي، وشرارتها تمثلت في عدم قدرة الراهنين على سداد ديونهم العقارية، فهل أخذنا احتياطاتنا بشكل راسخ ومكين، بعيدا عن ادعاءات خصوصيتنا، وزعم أن وضعنا مختلف، فالعالم بات قرية كونية، والأزمات الاقتصادية تتكرر يشهد بذلك التاريخ المدون.
وعندما نقول ذلك فإن قولنا إنما يأتي من منطلقات الحرص المتناهي على سلامة مسيرة اقتصادنا الوطني.. ومصلحة المواطن الباحث عن سكن يملكه ويؤويه وأسرته.. آملين أن يصار إلى وضع لوائح تنفيذية تفصيلية للأنظمة الجديدة تجيب على التساؤلات وتوضح ما يتعنى من غموض في ظل مصلحة المواطن العادي بهدف معالجة مشكلة الإسكان. والمسؤولية في ذلك كبيرة على وزارة المالية أولا ثم وزارة الإسكان ومؤسسة النقد العربي السعودي.. ولعل الأمر يتطلب تنظيم حملة توعوية عبر وسائل الإعلام لتنوير المواطن بالأنظمة الجديدة التي استهدف ولاة الأمر من اتخاذها مصلحة هذا المواطن أولا وأخيرا.

 


آخر تحديث
7/11/2012 10:56:19 AM