هذا ما نريد من الوزير الجديد

جريدة عكاظ الاحد 23/1/1433هـ الموافق 18ديسمبر 2011م العدد 3836

 عبدالإله ساعاتي

جاء من بين الأوامر الملكية الثمانية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين قبل أيام.. أمر ملكي بتعيين الدكتور محمد الجاسر وزيرا للاقتصاد والتخطيط.
ويحق للأستاذ خالد القصيبي الوزير السابق للاقتصاد والتخطيط أن نقدم له الشكر على ما قدمه خلال السنوات الطويلة التي شغل خلالها هذا المنصب.
ولقد عرفت معاليه من خلال عضويتي في (لجنة تقييم وتطوير الخدمات الصحية) التي شكلها خادم الحرمين الشريفين برئاسة القصيبي.. ولمست من خلالها إخلاصه وجديته.
وفي الوقت ذاته حري بنا أن نرحب بالدكتور الجاسر في مهمته الجديدة.. التي أعقبت نجاحات حققها خلال مسيرته العملية في مؤسسة النقد نائبا ثم محافظا.
ولقد اخترت الحديث عن هذا التعيين بالذات نظرا للأهمية الكبرى للتخطيط باعتباره ركيزة أساسية للتنمية.. فالأمة التي لا تواكب متغيرات الحياة من خلال التخطيط العلمي الفعال تتخلف عن الركب الحضاري العالمي بإيقاعه السريع.. وكذلك نظرا للتداعيات السلبية العميقة التي يفرزها تعثر الخطط التنموية.
ولن أجانب الصواب إذا ما قلت إننا نعيش «أزمة تخطيط» أدت الى ظهور العديد من المشكلات التي نعاني منها اليوم في الكثير من المجالات.. ولا سيما مجالات التوظيف والإسكان والتعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء والنقل والمواصلات وغيرها.
وبالتالي فإن وزير الاقتصاد والتخطيط الجديد أمام عدة تحديات.. أقتصر الحديث هنا عن تحديين منها لمحدودية الحيز.. أولها ضرورة تفعيل جانب التقييم والمتابعة للتنفيذ والتطبيق الفعلي للخطط على أرض الواقع.. ذلك أن مشكلة خطط التنمية لدينا منذ خطة التنمية الأولى (1390-1395هـ).. تنتهي وربما تنسى بمجرد جمعها بين دفتي كتاب الخطة.. حيث تحفظ في أرفف الوزارات حتى يعلوها الغبار!.
وفي الوقت ذاته تنشغل وزارة التخطيط في التحضير للخطة التالية.. وبالتالي تغفل مرحلة هامة ومحورية في عملية التخطيط ألا وهي مرحلة التقييم والتقويم التي يتم من خلالها التأكد من مدى تنفيذ أهداف وبرامج الخطة.. وهذا ما أدى إلى حدوث الفجوة الكبيرة بين ما تتضمنه الخطة وبين ما ينفذ منها على أرض الواقع.
إن من الضرورة بمكان أن تتبنى وزارة الاقتصاد والتخطيط آليات عملية جادة لتقييم تنفيذ خطة التنمية ليس فقط بعد انتهائها ولكن أيضا أثناء تنفيذها للوقوف على مدى تحقيقها لأهدافها وبرامجها.. وكشف أسباب عدم التنفيذ ومعالجتها.
ولعل من أسباب عدم تحقيق النجاح المأمول لخطط التنمية أن أهدافها تصاغ بعموميات وعلى شكل أمنيات جميلة!.. وتبعا فإنها تكون في الكثير من الأحيان غير قابلة للتطبيق فتبقى على الورق!.
أما التحدي الآخر الذي يواجهه الوزير الجديد فإنه يتمثل في الحاجة الماسة لتفعيل جانب «الاقتصاد» في أعمال الوزارة.. وهو دور لم يفعل بالصورة المأمولة حتى الآن.. والسبب ــ في تصوري ــ هو أن الوزارة منذ تأسيسها وعلى مدى ما يقارب النصف قرن كان مسماها وكانت مهامها منحصرة في التخطيط فقط.. ولقد أضيف مسمى الاقتصاد لتصبح «وزارة التخطيط والاقتصاد» مؤخرا.. ولكننا لم نلمس لها أي دور في المشهد الاقتصادي حتى الآن.
ونظرا للدور الهام والمحوري للاقتصاد في عالم اليوم.. فانه ينبغي ان يكون لوزارة الاقتصاد دورها الفاعل والمؤثر في تنميته.
وأخيرا لا يسعني إلا أن أدعو المولى عز وجل أن يوفق الوزير الجديد وكافة المسؤولين الجدد الذين شملتهم الأوامر الملكية في مهامهم الجديدة لما فيه خير الوطن وإنسانه.

 


آخر تحديث
12/20/2011 10:51:43 AM