مضى عام على تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (222) المتضمن الموافقة على نظام التأمين الالزامي على رخص قيادة المركبات. حيث بدئ في تطبيقه فعلياً في شهر رمضان من العام الماضي، وجاء صدور القرار بناء على ما رفعه سمو وزير الداخلية من مبررات موضوعية لمواجهة ظاهرة الإرتفاع الحاد في الحوادث المرورية التي تكبد الاقتصاد الوطني ما يقارب (27) مليار ريال سنوياً والآثار السلبية المترتبة عليها على المستوى الإقتصادي والإجتماعي وفي مقدمتها الإرتفاع المستمر في الأعباء الإقتصادية الناتجة عن الديات الخاصة بالوفيات وتعويضات الإصابات البشرية وخسائر الممتلكات العامة والرعاية الطبية للمصابين وتكاليف إصلاح المركبات، إضافة إلى ما قد ينتج عن الحوادث من حالات سجن لفترات طويلة لأرباب الأسر وغيرهم مما يؤدي إلى آثار إجتماعية سلبية، حيث أن الأمر يتعلق بحفظ الحقوق. وكان مجلس الشورى قد وافق على مشروع هذا النظام.
ولقد كان مصرحاً في بداية تطبيق هذا النظام لشركة تأمين واحدة فقط ، وحيث أن حصرها في شركة واحدة أمر غير مقبول شرعاً، وغير منطقي إقتصادياً، وكذلك غير ممكن عملياً أن تقوم شركة واحدة فقط بهذه المهمة الضخمة، فلقد صدرت موافقة رسمية لاحقة على فتح المجال لجميع شركات التأمين لتقديم هذه الخدمة، ويقدر عدد الشركات التي تقدم هذه الخدمة بنحو (30) شركة.
ولقد ساهم تطبيق هذا القرار في انخفاض معدل وفيات حوادث السيارات بنسبة 50% حيث انخفض من وفاة لكل 32 حادث إلى وفاة لكل 52 حادث، وذلك وفقاً لدراسة علمية اجراها الدكتور فهد العريفي استشاري طب الطوارئ بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، وبينت الدراسة ان تطبيق القرار ساهم في توفير (6) مليارات للاقتصاد الوطني نتيجة لانخفاض حوادث المرور.
ولكن ورغم الايجابيات الكبيرة لتطبيق النظام تظل هناك تطلعات من تطبيقه لم تتحقق لعدة أسباب أهمها :
1/ إن المفروض أن لا يكون التأمين على رخص قيادة المركبات، بل على المركبات نفسها كما هو الحال في غالبية دول العالم.
2/ إن مستوى وعي الناس لدينا بالتأمين لا زال محدوداً، وبالتالي فإن هناك حاجة ماسة لتنفيذ حملات توعية مبنية على أسس علمية لتعريف أفراد المجتمع بماهية التأمين وأهدافه وإيجابياته ومشروعيته الدينية.
3/ عدم وجود جهة مرجعية إشرافية رسمية تشرف على أعمال التأمين وعلى الشركات، ولكن صدور نظام مراقبة شركات التأمين الجديد الذي نص على أن تتولى مؤسسة النقد مهام الإشراف والمراقبة على أعمال هذه الشركات سوف يؤدي إلى وجود جهة رسمية تتابع وتراقب أعمال هذه الشركات، حيث لا توجد حالياً جهة رسمية تقوم بذلك وإن كانت إدارات المرور تراقب وتتابع حالياً بصورة إجتهادية.
4/ إن تحقيق الاهداف المأمولة من النظام لن يتحقق من أول وهلة بل يتطلب التدرج في تحقيقها، فالنظام لا زال يعتبر جديداً.
5/ رغم أن هناك تباطؤ في إيفاء بعض شركات التأمين الصغيرة لالتزاماتها، إلا أنه ينبغي أيضاً النظر إلى محاولات التلاعب ومحاولات تحميل شركات التأمين الأعباء بصورة غير نظامية، فحين يدفع السائق (360) ريالاً، ثم ينتهي بتحميل الشركة ديه أو مبلغ كبير للمتضررين فإنه يؤدي إلى إلحاق خسائر مؤثرة بالشركة.
6/ إن بعض رجال المرور لا يدركون مفهوم التأمين فيتجهون في تقديراتهم للحوادث إلى تحميل شركات التأمين التكاليف وإن لم يكن ذلك عادلاً.
إجمالاً لا مفر من تطبيق نظام التأمين في مجال المرور، وليكن التأمين على الرخص مرحلة، ولكن في مرحلة لاحقة ينبغي أن يكون التأمين على المركبة أسوة بدول العالم، وهو ما يخدم الهدف من النظام بصورة أفضل.
كما أن هناك حاجة ماسة إلى توعية المجتمع بالتأمين –كما أسلفت أعلاه- ولتكن بتمويل من المستشفيات الخاصة وشركات التامين.
كذلك هناك حاجة إلى وجود جهة رقابية رسمية على شركات التأمين وهو ما جاء في النظام الجديد ممثلاً في مؤسسة النقد، وينتظر تفعيل هذا النظام على الواقع.
|